فصل: فصل: في الزائغين عن سبيل الرسل وأتباعهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


فصل‏:‏ في الزائغين عن سبيل الرسل وأتباعهم

في أسماء الله وصفاته

الزائغون عن سبيل الرسل، وأتباعهم في أسماء الله وصفاته قسمان‏:‏ ممثلة، ومعطلة‏.‏

وكل منهم غلا في جانب، وقصر في جانب، فالممثلة غلوا في جانب الإثبات وقصّروا في جانب النفي والمعطلة غلوا في جانب النفي، وقصروا في جانب الإثبات، فخرج كل منهم عن الاعتدال في الجانبين‏.‏

فالقسم الأول‏:‏ الممثلة وطريقتهم أنهم أثبتوا لله الصفات على وجه يماثل صفات المخلوقين فقالوا‏:‏ لله وجه، ويدان، وعينان، كوجوهنا، وأيدينا وأعيننا، ونحو ذلك‏.‏

وشبهتهم في ذلك أن الله تعالى‏:‏ خاطبنا في القرآن بما نفهم ونعقل قالوا‏:‏ ونحن لا نفهم، ولا نعقل إلا ما كان مشاهدًا فإذا خاطبنا عن الغائب بشيء وجب حمله على المعلوم في الشاهد‏.‏

ومذهبهم باطل مردود بالسمع، والعقل، والحس‏.‏

أما السمع‏:‏ فقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 11‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏فلا تضربوا لله الأمثال‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 74‏]‏‏.‏ ففي الآية الأولى نفى أن يكون له مماثل مع إثبات السمع والبصر له‏.‏

وفي الثانية نهى أن تضرب له الأمثال فجمع في هاتين الآيتين بين النفي والنهي‏.‏

وأما العقل فدلالته على بطلان التمثيل من وجوه‏:‏

الأول‏:‏ التباين بين الخالق والمخلوق في الذات والوجود، وهذا يستلزم التباين في الصفات، لأن صفة كل موصوف تليق به فالمعاني والأوصاف تتقيد وتتميز بحسب ما تضاف إليه‏.‏

الثاني‏:‏ أن القول بالمماثلة بين الخالق والمخلوق يستلزم نقص الخالق سبحانه، لأن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصًا‏.‏

الثالث‏:‏ أن القول بمماثلة الخالق للمخلوق يقتضي بطلان العبودية الحق، لأنه لا يخضع عاقل لأحد ويذل له على وجه التعظيم المطلق إلا أن يكون أعلى منه‏.‏

وأما الحس‏:‏ فإننا نشاهد في المخلوقات ما تشترك أسماؤه وصفاته في اللفظ، وتتباين في الحقيقة فللفيل جسم وقوة وللبعوضة جسم وقوة، والتباين بين جسميهما وقوتيهما معلوم فإذا جاز هذا التباين بين المخلوقات كان جوازه بين الخالق والمخلوق من باب أولى ، بل التباين بين الخالق والمخلوق واجب والتماثل ممتنع غاية الامتناع‏.‏

وأما قولهم‏:‏ إن الله تعالى‏:‏ خاطبنا بما نعقل ونفهم فصحيح لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنا جعلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 3‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب‏}‏ ‏[‏ص‏:‏ 29‏]‏‏.‏ وقوله ‏:‏ ‏{‏وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏4‏]‏ ولولا أن الله أراد من عباده عقل وفهم ما جاءت به الرسل لكان لسان قومه ولسان غيرهم سواء، ولما حصل البيان الذي تقوم به الحجة على الخلق‏.‏

وأما قولهم‏:‏ إذا خاطبنا عن الغائب بشيء وجب حمله على المعلوم في الشاهد فجوابه من وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ أن ما أخبر الله به عن نفسه إنما أخبر به مضافًا إلى نفسه المقدسة فيكون لائقًا به لا مماثلًا لمخلوقاته، ولا يمكن لأحد أن يفهم منه المماثلة إلا من لم يعرف الله تعالى‏:‏ ولم يقدره حق قدره، ولم يعرف مدلول الخطاب الذي يقتضيه السياق‏.‏

الثاني‏:‏ أنه لا يمكن أن تكون المماثلة مرادة لله تعالى‏:‏ لأن المماثلة تستلزم نقص الخالق جل وعلا، واعتقاد نقص الخالق كفر وضلال، ولا يمكن أن يكون مراد الله تعالى‏:‏ بكلامه الكفر والضلال كيف وقد قال‏:‏

‏{‏يبين الله لكم أن تضلوا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 176‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏ولا يرضى لعباده الكفر‏}‏ ‏[‏‏]‏‏.‏